الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة خليفة الجبالي والافريقي والمؤامرة..و"السور العالي"

نشر في  25 سبتمبر 2014  (12:56)

على مرّ الأزمان يبقى اسم خليفة الجبالي من أفضل الأصوات الاذاعية التي جاد بها الاعلام الرياضي بتونس في عالم ضيّق ومليء بالمفارقات والعجائب والدسائس التي يكيدها العديد في صراع قوى الخير والشرّ ضمن بلاط صاحبة الجلالة وعلى وجه الخصوص في مجالها الرياضي..ولأجل ذلك تربّى الكثيرون على نغمات صوت "خلفون" كما يسمّيه المقرّبون اليه رغم اختلاف الانتماءات بين "مكشخين" و"كلوبيستيّة" ومن أنصار "ليتوال والسي آس آس والسي آبي" وغيرها من النوادي الرياضية حتى وان كان معروفا عن الجبالي أنه "افريقي الهوى" بل والى حد النخاع ولا يخجل من الافصاح بذلك عكس عديد المتلوّنين ممن ينمّقون معسول الكلام لاسترضاء أولياء نعمهم والتودّد اليهم حسب الظروف والمصالح الانتهازية.
نقول هذا الكلام لا تقرّبا ولا تزلّفا الى خليفة الذي لا حول له ولا قوة بدليل أنه بات على قارعة الطريق في مشهد اعلامي لا يخلو من نشاز..غير أنها كلمة حق أردنا خلالها انصاف الرجل لا خوفا ولا طمعا ولا هم يحزنون وانما عملا بمبدأ "الساكت عن الحق شيطان أخرس"...
بعد هذه الديباجة لا بد من الاشارة الى نقطة محورية وهامة في خضم التعرّض الى حالة الاعلامي المذكور، فهو وباقرار الكثيرين "فنّان كسول" كان قريبا من نحت مسيرة اعلامية أفضل بكثير من تلك التي خطّها بالنظر الى خصاله العديدة اعلاميا بين ندرة صوت وسلاسة لغة وسلامتها علاوة على طيبة المعشر بيد أن الكثيرين يلومون عليه "عدم انضباطه الصحفي" وهو ما كان سببا رئيسا وفق الرأي ذاته في مروره حذو مسيرة كانت -ودون أدنى شك- بمقدورها المرور الى فضاءات أرحب من المحليّة المقيتة..خليفة خرج مرارا عن النص وهو ما يعترف به بنفسه في مجالسه الخاصّة للمقربين الى قلبه..وهذا مكمن الاشكال بما أن كثيرين لا يفوتونه في شيء باتوا يشار اليهم بالبنان..وهذه طبعا من مآسي الاعلام الرياضي ببلادنا...
نعود الى نقطة البداية لنشير الى جدل قام في اليومين الأخيرين بعد تسليط عقوبة داخلية وفق لوائح الاذاعة الوطنية على الزميل خليفة الجبالي بعد تصريح أدلى به على هامش الجلسة العامة التنقيحيّة للنادي الافريقي وقال خلاله ان هناك حلفا اعلاميا يعرقل الافريقي ويقود مؤامرة تهدّد نجاحه كما تطرّق الى ما هو أشد حدّة بقوله ان للترجي حصانة اعلامية تجعله بمنأى عن المشاكل والهزات، وهذا ما وصل الى مسامع هيئة الترجي التي أشعرت الاذاعة الوطنية بما حصل مطالبة لاتخاذ الاجراءات اللازمة في حقّ الجبالي بما أنه يعود بالنظر في المرجع المهني الى الاذاعة الأم بصفته متعاونا معها...
مصادر الجمهورية قالت ان المشرفين على الاذاعة رفضوا الاعتذار لهيئة الترجي باعتبار أن كلام خليفة الجبالي لم تتم اذاعته على موجاتها وانما كان خارج اطار العمل، غير أنها اتخذت في حقه اجراءات مهنية وفق ما تقتضيه اللوائح الداخلية، وهذا ما كان سببا جديدا في تأليب غضب "شعب الافريقي" الذي يرى أن "الانتماء العاطفي" للمذيع المذكور للافريقي ودفاعه عنه كانا سببين أساسيين في تجميد مكرّر للجبالي والذي اكتوى سابقا من النار ذاتها لأسباب معروفة تتعلّق بخلافه المعلن مع المشرف السابق على قسم الرياضة في الاذاعة الوطنية حاتم بن آمنة قبل أن يدعى هذا الأخير الى مهام أخرى...
حالة الجبالي يمكن وصفها بأنها كمن يمشي على الرمال المتحرّكة، فالرجل وضع اصبعه على مكمن الداء وعلى موضوع قد يكون مستعصيا وحرجا على الكثيرين ممن التحفوا برداء الخوف لعدة اعتبارات منها الصنصرة الادارية أو الذاتية وحتى المصالح الانتهازية..وهي خطوة تحسب للجبالي بأن أسّس اللبنة الأولى للغوص في بحر مترامي الأطراف نقطة انطلاقه هي الانتماء الرياضي للاعلاميين ونهايته التفرقة بين الحيادية والمحسوبية اللذان يفصل بينهما خيط رفيع قد لا يجيد الكثيرون مسكه...
ما يعاب على الجبالي حتى لا يكون "ملاكا خاليا من الدنس والخطايا" هو أنه يبدو تأثر بحميمية الأجواء الافريقية البحتة، فراح يمزج بين نظرية المؤامرة الاعلامية وكذلك المنافسة الاقتصادية بين المدّب والرياحي..وهو أمر قد لا يعني كثيرا الاعلاميين عدا من انتفعوا أو سينتفعون لاحقا من نجاح هذا الاسم أو ذاك على الساحة الاقتصادية، وقد يكون أفضل وأجدى وأنفع لو تسلّح الجبالي أو غيره بالجرأة والشجاعة الكافية للغوص علنا وعبر وسيلة اعلامية -لا في منتدى خاص للأحباء أو ما شابهه- في موضوع بات بمثابة 'التابوهات" ويقرّ الكثيرون بصحّته وهو أن الافريقي تلظّى كثيرا بجلد سياط غير بريئة المقاصد والأهداف مما غذّى نظرية المؤامرة..وأن الترجي في المقابل ظلّ سليما معافى وبعيدا عن النقد الاعلامي الموجّه حتى لا يدخل في خانة تصفيات الحسابات بين الحلف الحاكم والشقّ المعارض..وهي كلها استنتاجات يقرّ الاعلاميون والجماهير الرياضية بمشروعيتها ووجودها ولكنّهم ينفرون لسبب أو لأخر الخوض فيها...
جماهير الافريقي ساءها طبعا ما حصل لل"ابن الشقيّ" للجمعية ونورد هذا الوصف بالنظر الى حجم الظلم الذي طاله في مسيرته ويرونه الكثيرون متصلا بانتمائه المكشوف ولما ذلك من تأثير في المقابل على الدعم والاشهار وغيرها من كواليس "الغسيل الداخلي" للوسائل الاعلامية بمختلف مشاربها واختصاصاتها..ولعل ما زاد في تأجيج النيران هو تساهل وعفو نزلا بردا وسلاما على جماعة الأحد الرياضي بعد حادثة "الروبورتاج المستهدف للافريقي، فيما دفع الجبالي الفاتورة "كاش" بسبب أهواء وعاطفة بجرعات زائدة من الجرأة كان حريا توظيفها في محلّها الطبيعي وهو منبر اعلامي حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود في حقيقة الجبالي والمؤامرة وانهيار السور العالي من الحصانة القادمة من هذا الفريق أو غريمه الأزلي...

طارق العصادي